- الجلوس خارجا على السلم المفضي على ساحة منزلنا الداخلية يجلب التشاؤم , ابي يحذرنا دوما من الجلوس هناك ويبرر ذلك ان المكان هو طريق الشياطين , وانا اعرف التبرير جيداااا ... ابي يتذكر اخوتي مصطفين ينتظرون دخوله بنبأ وفاة والدتي .. يتذكر الاعين التي تبرق و تعصف بالاسئلة . بات يرى في كل جلوس على ضفة ايحاء يشبه الجلوس في الخط الفاصل بين الظلال و الشمس .
وانا جالسة انتظر ان تاتي زوجته بقدم محكمة الغلق وانا من يساعدها على المشي ويضعها على السرير بعد ان اسندته لها في زاوية الغرفة الزرقاء الذي يتناوب على سكنها المرضى وعابري السبيل , اساعدها واستشعر شي افتقده .. ياربًّ أمي .
مضطرة ادخل غرفة ابي التي تعج برائحة الزعفران ممزوجة بدهن العود وعطر رخيص لايزال ابي يصر على رشه على فراشه قبل ان يتوسد ارقه , يآالله .. لماذا لايُفتح لي هذا الباب الا في احلك الظروف , لماذا المرور امام غرفة ابي وباباها مفتوحا يمثل لي اقتحام الخلوة حتى وانا اركز انظر الى المسعى الاخير , لماذا اشعر ان الغرفة تطردني وتصيح بي : اخرجي انتِ من بقي من الجمع يخنقني !
افكر وانا احمل الوسادتين للمقر الجديد .. هل كان ابي سيجعل في غرفته سريرا مفردا لأمي كما يفعل الآن لزوجته !
- كيف ترديني ان احضر وهالتي السواد تفضحني حتى ان سؤالك اليومي اصبح كالنشيد الوطني الذي اردد اجابته بكل رتابه وبدون ان تلتقي اعيننا , انه اليقين .. حين انشد بقناعة تامة لن يراودني الشكّ األمعت حذائي ام لا .
لم يعد شي يغريني بالمجئ , ولا الاستيقاظ في الصباح الذي كنت اعشق .. حتى ان الاطفال اصبحوا بعيني مخلوقات صغيرة لا تكف عن الطنين .., وخلال شهر مضى .. لم ارتاد جنة الملائكة الا اربع ايام فقط , فـ حين تدق الرابعة اشعر بإبليس الرجيم يجثو فوق صدري استعيذ منه فتنهمر دموعي بلاسبب ارتدي مافوق المقعد من البارحة , قميص باهت مهمل , وحذاء لم استبدله بآخر منذ ان بداية السنة و ااتكور في ظلام زاوية صوفة الصالة . اغفو في افضل الاحيان , وانشج احيانا .. واغيب عن الوجود غالبا . ولا افتح عيني الا على مضيّ الوقت اللازم للتواجد فاستسلم للغياب الذي لا اجد له تبرير .
رغم ان اوراقي مصفوفة بعناية الا اني لم اعد اجيد توزيعها ابد .
رحماك ياربّ , اشعر اني افقدني .. احب عملي جدا كما لا تعلم .. لحدّ العشق , لماذا هناك حائل شفاف لا يراه الا انا يحول بيني وبين الصباح الملائكي . ماذا سأصنع بكل الوقت الذي سيمر بدونهم .. بلا انجاز .. بلا علم سيصلني نفعه حتى يوم الدين .. ماذا افعل بطاقة لا اعلم اين اوجهها او لمن , يالله ... اعدني كما انا .
يحبنا الله لـ ذا , يبعدنا عن ما نحب لان اقترابنا منه لن يزدنا الا حسرة و الم .. ولا ازال البي النداءات الوجهة في الكون باشارات قد لايفقهها الآخرون , فالصلاة هي من أبعدني عن تلك الهوة حين أذن المؤذن ..