- حاولت ان انزل من السرير وشعرت بعدم ثقة , لأول مرة أشعر ان جسمي مائي اكثر مماينبغي !
- كنت افكر ان انا استمريت بهذا الصمت الفعلي , فـ عليّ أن اتبرع بحنجرتي لاقرب جمعية رفق !
- كانوا يقولون لنا حين نعبر عن راينا بالكراهية تجاه احد "لاتكرهه بل اكره مايفعل" , مضينا بعدها ونحن لا نكره سوى مايفعلون !
- اخي صار يمضي الحياة كما يريد , احيانا تاجر اسلحة , بعد سنة تاجر اجهزة لاسلكية ..تاجر مواشي بعدها بعام , ثمَّ بلا تجارة !
إحدى الخصال الوراثية التي تجعله يمط شفتيه ويهز براسه مبتسما حين نذكرهُ بها , ورثها عن جدي لامي , اشتعل راسه شيباً وهوَ في العشرين وبعد الثلاثين صار رجل ثلج طيب القلب .
- بدات في قراءة النشرات الطبية داخل علب الدواء لعلها تقضي على بعض الوقت بالمتعة في معرفة تفاصيل ما اتجرعه من مرارة , نفس النشرات التي لا استطيع دائما اعادتها كما كانت .
لم يعنني النوم اليوم بأي شكل , و أي وقت يكفيني لانتتهي من مهام الشخير لأبحث عن جداول جديدة للحياة .
- في اليوم الخامس بالتحديد وفي الثامنة صباحاً , كنت قد افقت مشبعا بالنوم , لم استطع الوقوف وشعرت كأن الغرفة تسّرع حركة دوران الارض . وهذه الحالة اعرفها حين اسرف في كحول جديد .
حاولت ان اقف لكني لم استطع !
- حتى هي لآحظت ان مزاجي الذي احاول السيطرة عليه قدر المستطاع , أصبح جنائزيا وصرت ادخل في نفق الكآبة سببته لي وجوه الأطباء ورائحة الادوية و وجوه الممرضات والغرف و الممرات بالاظافة الى الالم الذي حاولوا السيطرة عليه بالمسكنات.
- رايت وجهه اول ماستيقظت في غرفة مستشفى جديد له رائحة يسدها انبوب الاكسوجين .
كانت عيناه وآسعتان أكثر من قبل ومحمرتان أكثر مما يجب .
منذ متى وانا هنا ؟
لم أسال ولن اعرف ابداا !
أذكر مثل فيلم مشوش , حين نزعت ببطء غريب , الأنبوب من أنفي ولم أكمل بعدها الحلم !
- لم يغب عن جانب رأسي لكن الكلام كان صعباً عليّ معه , ولا اعرف سبب كل ذلك سوى ان المرض اصبح هجرة جواميس تضرب بحوافرها أرض دمي .
ماذا فعلت معه حين رأيته بعد غياب ؟
ماذا فعل مغي ... !
نصف الوقت اتجرع مرارة الانابيب وكلما هممت بالحكي معه وجدت حلقي مجروحاً .
أصحو احيانا على عينيه وهوَ يراقب حركتي قبل الصحو ويقف على قدميه مقرباً وجهه لي وواضعاً يده على صدري أو في قبضتي .
- لا اخفي انه بالنسبة لي يعني العالم بتمامه او ابعد من ذلك بكثير !
- الوصية :
اكتب النهاية كما تريد , كما تُحب أو اكتبها كما نُحب معاً ومثلمآ علمتني , كنت اتمنى ان اسالك كيفك ؟ لكنني اعرف انك تعيش لا كمثلي على الأقل !
- قال لي انه يريد جرعة ماء وجلبته له .
بكيت و هذه لم استطع ان اسكت عنها ولا ان امحوها بعد ان كتبتها ..!
بكيت وعرفت انه يسمعني وانا اعطيه ظهري رغم انني حاولت ألا ابدي صوتي .
حين وقفت امامه لاعطيه الماء .. الممنوع عنه , وأعدل من وضع سريره مدّ يده اليّ ومسح دمعة واحدة لم استطع أن أمسحها ولا ان اخفي لمعان محبتي له فيها .
قلت له اشرب . وابتسم !
طلب مني ان اقرب له رأسي ودعكه .. قبل ان أنفجر ,
- تمنبت فعلاً ان اعرف اخر فكرة تلاها كـصلاة أخيرة , وندمت على انني لم أت قبل موعدي الذي اتاخر عنه دائما بندم بالغ .
ياله كل الوجوه التي تركها اهلها ليلفها بكاء حزين لاينقطع.
كان وجهه بارداً مثل كل الاحياء الاخيرين ومبتسما مثل كل الموتى الاولين .
- اعرف انني لم اغادر الممرات ا لا لبوابة الطوارئ واجلس تحت مظلتها متقيا المطر اراقب الناس وافكر بالغرفة المغلقة على جسد يحمله الان طائران لا شكل لهما سوى النهايات و اعرف تماما انه لم يمض اليوم الا وانا في غيبوبة ادركت فيما بعد انني اخذت مهدئاً طبياً جرعة "مورفين" قبل ان استيقظ مساء في غرفتي .
.
كانت هذه سطور من رواية رافقتني ليوم واحد فقط , قرأتها بنهم وتخيلت ان البطل غازي القصيبي ! لا اعلم لماذا ....!
اريد ان اعلم .. هل هي حقيقية .. بشهادة الصور ؟